فلما فتحت فارس و المدائن و غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله بها بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة بن مالك المدلجي و قد كان وقتها شيخاً كبيراً قد جاوز الثماني من العمر ، و كان قد مضى على وعد رسول الله له أكثر من خمسة عشر سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه و كان رجلاً أزب أي كثير شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي، وقد روى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس .
فدعا له النبي صلى الله عليه وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه.
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو و صاحبه أبو بكر في قصة الهجرة المشهورة و تبعتهم قريش بفرسانها ، أدركهم سراقة بن مالك المدلجي و كاد يمسك بهم ، فلما رآه سيدنا أبي بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة :( إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب)
ولقد مات سراقة في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان .
فمن أخبر محمداً بن عبد الله هذا الإنسان الهارب من القتل بأن الله سوف يغنم أمته كنوز كيسرى وتاجه و لبسها سراقة الأعرابي .
من هو سراقة
سراقة بن مالك المدلجي الكناني 24 هـ- 645 م سيد بني مدلج الكنانية في الجاهلية وشريف من أشراف العرب المرموقين وواحدًا من أصحاب المروءات المعدودين، يطعم الجائع ويؤمن الخائف ويجير المستجير وهو شاعر مخضرم
اشترى أبو بكر الصديق، من عازب سَرْجًا بثلاثةَ عشر درهمًا، فقال له أَبو بكر: مُرِ البراءَ فليحمله إِلى منزلي، فقال: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت لما خرج رسول الله ﷺ وأَنت معه؟ فقال أَبو بكر: خرجنا فأَدْلَجْنا فأَحيينا ليلتنا ويومنا.. وذكر الحديث إِلى أَن قال: فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا إِلا سراقة بن مالك بن جُعْشُم، على فرس له، فقلت: يا رسول الله ﷺ، هذا الطلب قد لحقنا، قال: سراقة بن مالك المدلجي لَا تَحْزَنْ؛ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا حتى إِذا دَنَا منَّا قَدْرَ رمح أَو رمحين أَو قال: رمحين أَو ثلاثة قال: قلت: يا رسول الله ﷺ، هذا الطلب قد لحقنا، وَبَكيت، قال: سراقة بن مالك المدلجي لِمَ تَبْكِي قال: قلت: واللّه ما أَبكي على نفسي، ولكني أَبكي عليك، قال: فدعا عليه، فقال:
اللَّهُمَّ، اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ سراقة بن مالك المدلجي فساخت فرسه إِلى بطنها في أَرض صَلْد، ووثب عنها، وقال: يا محمد، قد علمت أَن هذا عملك، فادع اللّه أَن ينجيني مما أَنا فيه، فواللّه لأَعُمِّيَنَ على مَنْ ورائي من الطَلَب، فدعا له رسول الله ﷺ، فأَطلق ورجع إِلى أَصحابه.
و عن سراقة يحكي قصة لحاقه بالنبي محمد في الهجرة قال :
جاءنا رُسُل كفار قريش يجعلون في رسول الله ﷺ، وأبي بكر، دية كل منها لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني رأيت آنفا أَسْوِدة. بالساحل أُراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم: فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهى من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عالية حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها، أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام؛ تُقَرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضتْ فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني. ولم يسألاني، إلا أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي في كتاب آمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله ﷺ.
وكان سراقة ينزل مع قومه بني مدلج في وادي قديد وكان بنو مدلج يعرفون بأنهم قفاة العرب وأهل القيافة فكان الوحيد من أهل الطلب الذين استطاعوا اللحاق بالنبي محمد وأبي بكر الصديق ودليلهما عبد الله بن أريقط الليثي الكناني ويقال أنه سكن مكة ويقال بل هو من أهل المدينة. وقد لحق بالرسول محمد ﷺ وصاحبه أبي بكر الصديق في الهجرة وكان مشركا بالله حينها- طمعا في جائزة قريش، فلما وصل للرسول ﷺ انغرست قدما فرسه في الوحل فطلب من رسول الله ﷺ أن يدعوَ الله لينجيه مما هو فيه على أن يرجع عنهم ويعمي عنهم الطلب فدعا له رسول الله ﷺ
فلما فتح سعد بن أبي وقاص المدائن في زمن خلافة عمر بن الخطاب، أرسل سواري كسرى وتاجه ضمن الغنائم إلى الخليفة فتحقق لسراقة وعد النبي له حيث ألبسه عمر سواري كسرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق