الاثنين، 29 نوفمبر 2021

عــــام الوفــــود ( 632م - 10 هجرياً ) وظهور مسيلمة الكذاب


عام الوفود، هو العام التاسع الهجري الموافق سنة 631م، عُرف بذلك لكثرة الوفود التي قدمت المدينة المنورة مسلمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي يزيد عددها على سبعين وفدًا، وكان ذلك بعد غزوة تبوك في رجب 9 هـ.

في هذا العام جاء إلى المدينة وفود كثيرة من أنحاء الجزيرة تعلن إسلامها أمام الرسول وكان نصراً كبيراً للمسلمين وبدأ الإسلام ينتشر وينتشر في كل الجزيرة العربية وذلك بفضل نبينا وحبيبنا محمد حتى نزلت السورة الكريمة، قال تعالى { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ توابا (3)} سورة النصر، وفي هذا العام جاء وفد عظيم يمثلون مائة الف رجل وهو (وفد اليمامة) يعلن إسلامة لرسول الله فدخلوا على رسول الله إلا رجل واحد إسمة (مسيلمة)، وعندما دخل القوم لرسول الله وأعلنوا إسلامهم اعطاهم الرسول الهدايا، فقالوا له الوفد : يا رسول الله : إن فينا رجل من سادتنا خارج الدار وما رضى أن يدخل معنا فقال لهم رسول الله : ما دام يحرس متاعكم إذن فهو ليس بأسوءكم واعطاهم الهدايا لة، فخرجوا لمسيلمة وقالوا له ما قاله رسول الله عنه، فقال لهم مسيلمة : انظروا مدحني محمد، ثم بعد ذلك ذهب مسيلمة لبيت النبي فقال له القوم : متى تُسلم يا مسيلمة ؟ فقال لهم مسيلمة : أُسلم على أن يعطيني محمد الأمر من بعده، فسمعة الرسول، فأمسك النبي عرجون صغير من الأرض وقال : والله يا مسيلمة لإن سألتني هذا العرجون ما أعطيته لك والله ما آراك إلا الكذاب، وفي يوم آخر أرسل مسيلمة صحيفة إلى رسول الله تنص على : ((من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: آلا إنى أوتيت الأمر معك فلك نصف الأرض ولى نصفها ولكن قريش قوماً يظلمون)) فأرسل له النبي : ((من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يرثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)) وأستمر أمر مسيلمة الكذاب حتى أدعى النبوة وتآمر مع أحد الناس واتفقوا على أن ينشروا خبر كاذب وهو أن محمد قال : (إن مسيلمة رسول مثلة) !!، فأرتد كثير من الناس بعد ذلك، وأستمر الأمر حتى قُتل مسيلمة الكذاب بعد موت الرسول.
فى هذا العام جاء إلى المدينة وفود كثيرة من أنحاء الجزيرة تعلن إسلامها أمام الرسول و كان نصراً كبيراً للمسلمين

أسماء بعض الوفود
في السنة التاسعة للهجرة:
وفود ثقيف.
وفد بني تميم.
وفد بني سعد.
وفد بني أسد.
وفد عبد قيس.
وفد نجران.
وفود بارق.
وفي السنة العاشرة للهجرة:
وفد بني حنيفة.
وفد اليمن.
وفد معان.
وفد بني عامر
وفد بني فزارة
من أهم الوفود وفدٌ جاء فيه رجل واحد، ومع أن الوفد هنا رجل واحد إلا أن نفعه وأثره كان عظيمًا. ويؤكد هذا المعنى ما قاله ابن عباس كما في رواية أحمد عن هذا الوفد: فما سمعنا بوافدٍ قَدِم كان أفضل من هذا الوافد. وهذا الرجل هو ضِمَام بن ثعلبة السعدي ، من بني سعد بن بكر من هوازن، ويبدو أنه جاء من فرع لم يُسْلم بعدُ من فروع بني سعد؛ لأن معظم بني سعد آمنت بعد غزوة حُنين، وبرغم كونه أعرابيًّا فيه شيء من الغلظة والجفاء، إلا أنه كان ذكيًّا، عاقلاً، إيجابيًّا، وعلى مستوى راقٍ جدًّا من الفَهْم، وحسن التصرف.

ضمام بن ثعلبة السعدي
يقول أنس بن مالك "نهينا أن نسأل رسول الله  عن شيء". وهو يقصد قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101]. "فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله، ونحن نسمع".وهذا فَهْم جميل من أنس ، فهو وإن كان سيتجنب السؤال للنهي الموجود في القرآن، إلا أنه يريد أن يعرف ويتعلم أكثر وأكثر، فكان ينتظر أن يأتي رجل من البادية لا يعرف هذا الحكم، أو ليس مسلمًا أصلاً ليسأل الرسول ، فيجيب الرسول ، ويتعلمون من هذه الإجابة، و يا حبذا لو كان السائل عاقلاً لتكون أسئلته حكيمة، ودقيقة، ومفيدة للصحابة. فقال الرجل: أيكم محمد؟
يقول أنس بن مالك : والنبي متكئ بين ظهرانيهم. قال الرجل: يابن عبد المطلب.
قال رسول الله : "قَدْ أَجَبْتُكَ".
قال الرجل: إِنِّي سَائِلُكَ، فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ.
قال : "سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ".
قال الرجل: يا محمد، أتانا رسولك، فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك.
قال : "صَدَقَ".
قال الرجل: فمن خلق السماء؟
قال رسول الله : "اللَّهُ".
قال الرجل: فمن خلق الأرض؟
قال : "اللَّهُ".
قال الرجل: فمن نصب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟
قال : "اللَّهُ".
قال الرجل: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال، آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟
قال : "نَعَمْ".
قال الرجل: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا.
قال : "صَدَقَ".
قال الرجل: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟
قال : "نَعَمْ".
قال الرجل: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. وفي رواية: (تأخذ هذه الصدقة من أغنيانا فتقسمها في فقرائنا).
قال : "صَدَقَ".
قال الرجل: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟
قال : "نَعَمْ".
قال الرجل: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سَنَتِنا.
قال : "صَدَقَ".
قال الرجل: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟
قال : "نَعَمْ".
قال الرجل: وزعم أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً.
قال : "صَدَقَ".
قال أنس بن مالك : فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول مَنْ ورائي مِن قومي، وأنا ضِمَام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
قال أنس: ثم ولَّى، وقال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن.
فقال : "لَئِنَ صَدَقَ لَيَدَخُلَنَّ الْجَنَّةَ".
فهذه هي الفروض، وإن قام بها الرجل دون نقصٍ فهذا طريق الجنة، وأما النوافل فهي ترفع من درجات العبد في الجنة، أو تَجْبُر التقصير في الفروض. وهذا هو يسر الإسلام وجماله.
ثم ذهب ضِمام بن ثعلبة إلى قومه بهذه المعلومات البسيطة جدًّا، و عاد إلى قومه، فاجتمع حوله الناس، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى.
قالوا: مه يا ضِمام، اتقِ البرص والجذام، اتقِ الجنون.
قال: ويلكم، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله  قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتابًا استنقاذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به، ونهاكم عنه.
يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم، وفي حاضره رجل، ولا امرأة إلا مسلمًا. والذي فعله ضِمام  يمنع أيًّا منا من أن يعتذر بأنه غير مؤهل للدعوة، ولا يمتلك العلم الكافي، ولا نقول لك: أفتِ الناس بما لا تعلم، ولكن ما تعلمه وتظنه قليلاً هو بالنسبة لغيرك كثير وكثير. ولنا في ضمام  مثلٌ واضح، فقد كان كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: أفضل وافد سمعوا به.

 

https://seeranabaweh.blogspot.com/p/blog-page.html 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق