الاثنين، 29 نوفمبر 2021

الرسول صلى الله عليه و سلم و الشعراء

  

عطية مرجان ابوزر


من الثابت أن الشعراء فى الجاهلية لم يكونوا مفخرة لقبائلهم فحسب , بل لهم اليد الطولى فى لعب أدوار رئيسية و هامة فى حلبة الحكم وصناعتة السياسية , خاصة فى أيام الحروب نظراً لمقدرتهم البيانية فى التعبير و شحن النفوس و إلهاب المشاعر , و فى عهد رسول الله   إعترف الشعراء الكبار بالرسول و بإعجاز القرآن و فصاحته التى فاقت جميع البلاغات و الفصاحات ووقف الشعراء أمام عظمة هذا القرآن الكريم وقوة بيانه فى عجز منقطع النظير و لامجال للمقارنة فأدركوا أنه ليس من قول البشر فدخلوا فى الإسلام و خاصة أثنان من كبار الشعراء فى وقتها وهم (( لبيد و الأعشى )) و كان لبيد شاعر قبيلة كلاب , إحدى قبائل هوازن , أما الأعشى : فكان شاعراً طوافاً , مدح فى رسول الله  كثيراً , و لكن رسول الله   لم يميل إلى شعره نظراً لأن الشعر كان سمة مميزة من سمات الوثنية فى الجاهلية , فضلاً عن القرآن الكريم نبذ الشعر وبين أن الشعراء لا يتبعهم إلا الغاوون فى قول الحق عز شأنه {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (224) سورة الشعراء , وحاش لله أن يكون رسول الله  هكذا , و لا شك أن القرآن الكريم هو أعظم كلام على وجه الأرض فهو كلام المولى سبحانه و تعالى و الذى قال عنه الله سبحانه و تعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء , و قال عنه أيضاً سبحانه و تعالى { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء , و قال تعالى فى أربع آيات متشابهات فى سورة القمر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (17) (22) (32) (40) سورة القمر .
شعراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شعراء الاسلام 

وهم شعراء الاسلام: لانهم الذين يذبون عن الإسلام: شعراء النبيﷺ: لانهم كانو يناضلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الشعراء المحسنون:
لان الآية إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (الشعراء: 227) نزلت لحسن اعمالهم و لقبول اقوالهم. قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشعراء المحسنين. 
ثبت ان شعراء النبي كلهم المحسنون بلسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبلسان القران هم الصالحون و الذاكرون و الناصرون لدين الله بلسانهم كما مرلان لَمَّا نَزَلَتْ:
{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (الشعراء: 224) قَالَ: جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالُوا: " قَدْ عَلِمَ اللَّهُ حِينَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ أَنَّا شُعَرَاءُ، فَتَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (الشعراء: 227) " 
ولان النبي صلي الله عليه وسلم قال لشعراءه: إِنَّ المُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ 
قال ابن سيرين: انتدب لهجو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المشركين، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان، وكعب بْن مَالِك، وعبد اللَّه بْن رواحة، فكان حسان وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عَبْد اللَّهِ بْن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع
كعب بن مالك. وعبد الله بن رواحة الخزرجى الأنصارى. وحسان بن ثابت بن المنذر بن عمرو بن حرام الأنصارى،فضل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام 

عدي بْن حاتم الطائي، وعباس بْن مرداس السلمي، وأبو سُفْيَان بْن الحارث بْن المطلب، وحميد بْن ثور الهلالي، وأبو الطفيل عامر بْن وائلة، وأيمن بْن خريم الأسدي، وأعشى بني مازن، والأسود بْن سريع


موقف النبي – صلي الله عليه وسلم  من الشعر والشعراء
جاءت تعاليم الإسلام لترفع من المستوي العقلي والفكري للمسلم, وتجعله يتذوق الجمال ,ويعبر عنه في أسلوب متأنق راق . والشعر وسيلة من تلك الوسائل المهمة التي تبرز مشاعر الإنسان النبيلة , وتعبر عن مستواه الفكري العميق , والإسلام كدين شامل كامل – لا يصادر الشعر إذا كان هذا هدفه ومبتغاة , والنبي – صلي الله عليه وسلم- هو القدوة والنموذج الرفيع في ذلك , فقد شجع علي قول الشعر وجعله أسلوباً من أساليب الدعوة إلي الإسلام , وإلي المثل الرفيعة .
1-   النبي –صلي الله عليه وسلم –يحض علي قول الشعر :
حينما حاربت قريش الرسول –صلي الله عليه وسلم – ودعوته  بشعرها وألسنتها وسلاحها , لم يكن هناك بد من أن يحاربها بمثل وسائلها , فحض المسلمين علي قول الشعر المنافح  عن الحق ,المكافح ضد الضلال والشرك , المدافع عن الدين والخلق والعرض . فندب – صلي الله عليه وسلم – شعراء الإسلام  لذلك وحثهم عليه بأساليب متعددة , فقد كان يقول لحسان بن ثابت : " يا حسان اهجهم وروح القدس يؤيدك " فهم الذين بدأوا بهجاء النبي صلي الله عليه وسلم – الطعن عليه , وبدأ حسان في الدفاع عن بني الإسلام ودعوته ,فقال النبي  صلي الله عليه وسلم - : " لهذا الشعر أشد عليهم من وقع النبل " وقال : " أمرت كعب بن مالك فقال وأحسن , وأمرت حسان بن ثابت فشفي واستشفي ".
 وكان –صلي الله عليه وسلم – وأحيانا يحرص الشاعر فيذكره بكلمة من شعره ,فقد روي أنه لما علم بهجاء أبي سفيان بن الحارث له , قام عبد الله بن روحه يستأذن النبي في الرد عليه , فقال له : أنت الذي تقول فثبت الله ؟ قال : نعم يا رسول الله  أنا الذي أقول :
فثبت الله ما آتاك من حسن                تثبيت موسي ونصرا كالذي نصروا
فقال رسول الله : وأنت فعل الله بك مثل ذلك , فؤثب كعب بن مالك وقال : يارسول الله ائذن لي ,فقال : أنت الذي تقول : هممت سخينة ؟ قال : نعم أنا الذي أقول :
هممت سخينة أن تغالب ربها                      وليغلبن مغالب الغلاب
فقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم – إن الله لم ينس لك ذلك . وهكذا كان النبي –صلي الله عليه وسلم – يشجع الشعراء علي قول الشعر طالما كان هدفه نصرة الحق , إعلاء منهج الله في الأرض .
2 – النبي – صلي الله عليه وسلم –يجب سماع الشعر:
استمع النبي – صلي الله عليه وسلم – إلي الشعر , وأعجب به , بله وشجع الشعراء عليه مادام موافقاً للحق , مقارباً للصواب وقدروي في ذلك أنه استمع للأبيات التي أولها :
 وحى ذوي الأضفان تب قلوبهم                 تحيتك الحسنى فقد ترفع النعلُ
فقال :" إن من الشعر لحكمة وإن من البيات لسحرا " ولقد قال لعبد الله بن رواحه ذات يوم : قل شعرا تقتضيه الساعة أنا أنظر إليك فقال عبد الله :
إني تفرست فيك الخير أعرفه                    والله يعلم أني ماخاننى البصر
أنت النبي ومن يحرم شفاعته                    يوم الحساب فقد أزري به القدر
فثبت الله ماأتاك من حسن                        تثبيت موسي ونصرا كالذي نصروا
فقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم - : " وأنت فثبتك الله ياابن رواحه ".
ولقد كان – صلي الله عليه وسلم – يستنشد الغناء ويشجعها ويقول :
هيه ياخناس فتنشده , ولاننسي موقفه من كعب بن زهير الذي جاءه تائباً معتذراً , ومعلناً إسلامه فأنشده قصيدته الشهيرة "بانت سعاد " فكانت سبباً في عفو النبي –صلي الله عليه وسلم – عنه ,بل  كساه بردته الشريفة , ووهبه مئة من الإبل .
3- النبي –صلي الله عليه وسلم – ينتقد الشعراء :
كان النبي – عليه الصلاة والسلام – يستنكر علي الشعراء شعر المجون والخلاعة , الشعر الذي هدفه إثارة الغرائز ,وجرح الأغراض , وإثارة الأحقاد , فالشعر كلام حسنه حسن وقبيحة قبيح , والله عزوجل – قد استثني الصالحين من الشعراء فقال – عزوجل - : " وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) سورة الشعراء .
ولقد حفظ النبي – صلي الله عليه وسلم – بعض مايقوله الشعراء .
وكان يصححه وينتقده , فلقد مر ببعض طرق مكة ومعه أبو بكر الصديق فسمع من ينشد :
ياأيها الرجل المحول رحله                     هلا نزلت بآل عبد الدار
فقال الرسول : ياأبابكر , أهكذا قال الشاعر ؟ فقال لا يارسول الله . ولكنه قال:
ياأيها الرجل المحول رحله                      هلا نزلت بآل عبد مناف
وهكذا كان النبي – صلي اله عليه وسلم – خير قدوة ومثل للمسلم الذي يلتزم منهج ربه , ولا يقف ضد أحاسيس الإنسان ومشاعره الطاهرة النبيلة .

 

https://seeranabaweh.blogspot.com/p/blog-page.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق